هل الدعوة للتقارب بين الأديان (الإسلام - المسيحية - اليهودية) دعوة شرعية؟
وهل يجوز للمسلم المؤمن حقًا أن يدعو لها ويعمل على تقويتها؟
هل الدعوة للتقارب بين أهل السنة والجماعة والطوائف الشيعية والدرزية والإسماعيلية والنصيرية وغيرها فيه فائدة للمسلمين؟ وهل يجوز هذا اللقاء والتقارب شرعًا؟!
***** الجواب *****
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
فأولاً:
أصول الإيمان التي أنزل اللَّه بها كتبه على رسله التوراة والإنجيل والزبور والقرآن والتي دعت إليها رسله عليهم الصلاة والسلام إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء والمرسلين
كلها واحدة
بَشَّرَ سابقهم بلاحقهم، وصَدَّقَ لاحقهم سابقهم، وأيده ونوه بشأنه، وإن اختلفت الفروع في الجملة حسب مقتضيات الأحوال والأزمان ومصلحة العباد، حكمة من اللَّه وعدلاً، ورحمة منه سبحانه وفضلاً، قال اللَّه تعالى:







ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون (84) ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين

وقال تعالى بعد ذكره دعوة خليله إبراهيم إلى التوحيد وذكر من معه من المرسلين:
أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين (89) أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين








وقال تعالى:
وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا
الآيات.. وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:


«أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد». رواه البخاري
ثانيًا:
حرّف اليهود والنصارى الكلم عن مواضعه، وبدلوا قولاً غير الذي قيل لهم، فغيروا بذلك أصول دينهم، وشرائع ربهم..
من ذلك قول اليهود:
(عزير ابن اللَّه) وزعمهم أن اللَّه مسه لغوب وأصابه تعب من خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام فاستراح يوم السبت، وزعمهم: أنهم صلبوا عيسى عليه السلام وقتلوه، ومن ذلك: أنهم أحلوا الصيد يوم السبت بحيلة - وقد حرمه اللَّه عليهم - وأنهم ألغوا حد الزنا في حق المحصن، ومن ذلك قولهم:
إن الله فقير ونحن أغنياء
، وقولهم:


ومن ذلك زعم النصارى:
أن المسيح عيسى عليه السلام ابن اللَّه، وأنه إله مع اللَّه، وتصديقهم اليهود في زعمهم أنهم صلبوا عيسى عليه السلام وقتلوه، وزعم كل من الفريقين أنهم أبناء اللَّه وأحباؤه، وكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به وحقدهم عليه وحسدهم إياه من عند أنفسهم وقد أخذ عليهم العهد والميثاق أن يؤمنوا به ويصدقوه وينصروه وأقروا على أنفسهم بذلك..
وقد حكى اللَّه الكثير عن كذبهم وافترائهم وتحريفهم وتبديلهم ما أنزل إليهم من العقائد والشرائع وفضحهم ورد عليهم في محكم كتابه، فقال اللَّه تعالى:




مما تقدم يتبين:
أن أصل الديانات التي شرعها اللَّه لعباده واحد لا يحتاج إلى تقريب.
كما يتبين أن اليهود والنصارى قد حرفوا وبدلوا ما نزل إليهم من ربهم حتى
صارت دياناتهم زورًا وبهتانًا وكفرًا وضلالاً..
ومن أجل ذلك أرسل إليهم رسول اللَّه محمدٌ صلى الله عليه وسلم ولغيرهم من الأمم عامة ليبين لهم ما كانوا يخفون من الحق ويكشف لهم عما كتموه ويصحح لهم ما أفسدوا من العقائد والأحكام ويهديهم وغيرهم إلى سواء السبيل، قال اللَّه تعالى:
يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (15) يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم
، وقال:
يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير
.




لكنهم صدوا وأعرضوا عنه بغيًا وعدوانًا وحسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبين الحق، قال اللَّه تعالى:
ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق


فكيف يرجو عاقل - يعرف إصرارهم على الباطل وتماديهم في غيهم عن بينة وعلم حسدًا من عند أنفسهم واتباعًا للهوى - التقارب بينهم وبين المسلمين الصادقين؟!
قال اللَّه تعالى:
أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوهوهم يعلمون
الآيات




بل هم إن لم يكونوا أشد من إخوانهم المشركين كفرًا وعداوة لله ورسوله والمؤمنين فهم مثلهم.
إن من يحدث نفسه بالجمع أو التقريب بين الإسلام واليهودية والنصرانية كمن يجهد نفسه في الجمع بين النقيضين بين الحق والباطل بين الكفر والإيمان، وما مثله إلا كما قيل:
أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك اللَّه كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا استقل يمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق