الجمعة، 12 أكتوبر 2012


هل الدعوة للتقارب بين الأديان (الإسلام - المسيحية - اليهودية) دعوة شرعية؟

وهل يجوز للمسلم المؤمن حقًا أن يدعو لها ويعمل على تقويتها؟



هل الدعوة للتقارب بين أهل السنة والجماعة والطوائف الشيعية والدرزية والإسماعيلية والنصيرية وغيرها فيه فائدة للمسلمين؟ وهل يجوز هذا اللقاء والتقارب شرعًا؟!


                                                      ***** الجواب *****

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
فأولاً:  
أصول الإيمان التي أنزل اللَّه بها كتبه على رسله التوراة والإنجيل والزبور والقرآن والتي دعت إليها رسله عليهم الصلاة والسلام إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء والمرسلين
                                                                                     كلها واحدة



بَشَّرَ سابقهم بلاحقهم، وصَدَّقَ لاحقهم سابقهم، وأيده ونوه بشأنه، وإن اختلفت الفروع في الجملة حسب مقتضيات الأحوال والأزمان ومصلحة العباد، حكمة من اللَّه وعدلاً، ورحمة منه سبحانه وفضلاً، قال اللَّه تعالى:



آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير

والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما

وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين (81) فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون (82) أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون
قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق 
ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون (84) ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين



وقال تعالى بعد ذكره دعوة خليله إبراهيم إلى التوحيد وذكر من معه من المرسلين: أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين (89) أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين

إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين
ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين

وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد
وقال تعالى: وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا الآيات.. وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد». رواه البخاري

ثانيًا:

حرّف اليهود والنصارى الكلم عن مواضعه، وبدلوا قولاً غير الذي قيل لهم، فغيروا بذلك أصول دينهم، وشرائع ربهم..
من ذلك قول اليهود:
(عزير ابن اللَّه) وزعمهم أن اللَّه مسه لغوب وأصابه تعب من خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام فاستراح يوم السبت، وزعمهم: أنهم صلبوا عيسى عليه السلام وقتلوه، ومن ذلك: أنهم أحلوا الصيد يوم السبت بحيلة - وقد حرمه اللَّه عليهم - وأنهم ألغوا حد الزنا في حق المحصن، ومن ذلك قولهم: إن الله فقير ونحن أغنياء، وقولهم: 

ومن ذلك زعم النصارى:
أن المسيح عيسى عليه السلام ابن اللَّه، وأنه إله مع اللَّه، وتصديقهم اليهود في زعمهم أنهم صلبوا عيسى عليه السلام وقتلوه، وزعم كل من الفريقين أنهم أبناء اللَّه وأحباؤه، وكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به وحقدهم عليه وحسدهم إياه من عند أنفسهم وقد أخذ عليهم العهد والميثاق أن يؤمنوا به ويصدقوه وينصروه وأقروا على أنفسهم بذلك..


وقد حكى اللَّه الكثير عن كذبهم وافترائهم وتحريفهم وتبديلهم ما أنزل إليهم من العقائد والشرائع وفضحهم ورد عليهم في محكم كتابه، فقال اللَّه تعالى:
فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون (79) وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون الآيات

وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين (135) قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون الآيات
مما تقدم يتبين:
أن أصل الديانات التي شرعها اللَّه لعباده واحد لا يحتاج إلى تقريب.
كما يتبين أن اليهود والنصارى قد حرفوا وبدلوا ما نزل إليهم من ربهم حتى 
صارت دياناتهم زورًا وبهتانًا وكفرًا وضلالاً..

ومن أجل ذلك أرسل إليهم رسول اللَّه محمدٌ صلى الله عليه وسلم ولغيرهم من الأمم عامة ليبين لهم ما كانوا يخفون من الحق ويكشف لهم عما كتموه ويصحح لهم ما أفسدوا من العقائد والأحكام ويهديهم وغيرهم إلى سواء السبيل، قال اللَّه تعالى: يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (15) يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم، وقال:يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير.
لكنهم صدوا وأعرضوا عنه بغيًا وعدوانًا وحسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبين الحق، قال اللَّه تعالى: ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق
فكيف يرجو عاقل - يعرف إصرارهم على الباطل وتماديهم في غيهم عن بينة وعلم حسدًا من عند أنفسهم واتباعًا للهوى - التقارب بينهم وبين المسلمين الصادقين؟!

قال اللَّه تعالى:أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوهوهم يعلمون الآيات
كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمينالآيات

بل هم إن لم يكونوا أشد من إخوانهم المشركين كفرًا وعداوة لله ورسوله والمؤمنين فهم مثلهم.
إن من يحدث نفسه بالجمع أو التقريب بين الإسلام واليهودية والنصرانية كمن يجهد نفسه في الجمع بين النقيضين بين الحق والباطل بين الكفر والإيمان، وما مثله إلا كما قيل:


أيها المنكح الثريا سهيلا           عمرك اللَّه كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استقلت           وسهيل إذا استقل يمان



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق